الحمدلله الذي علم بالقلم ، علم الإنسان مالم يعلم، وصلى الله على أشرف من أرشد وعلّم ، نبينا محمدٍ ، وعلى آله وصحبه وسلم ، أما بعد :
يقول حافظ إبراهيم على لسان اللغة العربية
أنا البحرُ في أحشائِهِ الدرُّ كَامِنٌ
فَهَلْ سَأَلُوا الغَوَّاصَ عَنْ صَدَفَاتي
فيا وَيْحَكُمْ أَبْلَى وَتَبْلَى مَحَاسِني
وَمِنْكُم وَإِنْ عَزَّ الدَّوَاءُ أُسَاتي
فلا تَكِلُوني للزَّمَانِ فإنَّني
أَخَافُ عَلَيْكُمْ أنْ تَحِينَ وَفَاتي
ويقول مدير جامعة الإمام السابق الدكتور عبدالله الشبل : "عُرفت اللغة العربية كإحدى اللغات البشرية المتطورة التي تضرب في عمق التاريخ بأصالتها , وقوتها , واستيعابها , وسهولتها , عرفت قبل ظهور الإسلام بوقت بعيد رمزاً لأمة عنواناً لأرض , تميزت بكثرة مفرداتها , وعمق معانيها , وسعة مدلولها , وسهولة تناولها , واشتهرت عنها من تراث أدبي رفيع تمثل في الشعر , والخطابة , والأمثال , وعُرِف أهلها بالفصاحة , والبلاغة , والقدرة على الإبداع.
وقد بلغت أوج قوتها , وأصالتها , وفصاحتها قبيل بعثة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم , وكأنها بهذا تستعد لاستقبال هذه الرسالة العظيمة لتشرف بنزول القرآن الكريم بحروفها , وكلماتها , وصوتها. قال الله عز وجل: ( إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون ) وقال تعالى : ( وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين ) ، وقال سبحانه : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )
فتخلّد بخلوده , وتأبّد بأبده , وتقوى بقوته , وتنشر بانتشاره , وتتسع دائرتها باتساعه , وقد تحقّق لها ذلك عندما انطلق صوتها بالدين الخالد , نهضت الأمة الإسلامية بزعامة العالم , واستلمت زمام الحضارة , والقيادة , فاستوعبت جميع علوم الأرض , وفنونها , وأثرت بعقول مفكريها الساحة العلمية , والأدبية , فصارت بذلك اللغة العالمية الوحيدة التي صمدت منذ عرفت اللغة العربية لغة تخاطب , وأدب , ودين إلى يومنا هذا ، لم تتغير حروفها , ولا كلماتها , ولا معانيها , ولا أصولها , فما قيل قبل الإسلام , أو في الإسلام يقرأه الصغير والكبير في يومنا هذا بيسر , وسهولة دون أيّ صعوبة , هذا الشيء لم يتحقق لأيّ لغة في الدنيا سواها , وهذه اللغة ما كان لها أن تثبت وتصمد وتستمر لولا ارتباطها الوثيق بالإسلام , ودستور القرآن الكريم , والحديث الشريف.
فصارت رفعتها من رفعته , وقوتها من قوته , وسمتها من سمته , وبهذا صار لزاماً على المسلمين عامة , والعرب خاصة:المحافظة والحماية على هذه اللغة الكريمة , والاهتمام بها , وخدمتها لأن في خدمتها خدمة القرآن الكريم , والدين الحنيف , والشريعة الإسلامية , وخدمة للإسلام.
ومن مظاهر هذا الحفظ الحفاظ على كتابة اللغة وفق ضوابطها الإملائية ، وأصولها اللغوية ، وقواعدها النحوية "أ.هـ